الاثنين، 11 أكتوبر 2010

::حتـــــــى يُحبــــــــــــكِ::



علم تاجر أن هناك بلدة يكسب فيها من عشرة إلى سبعمائة ضعف أو أكثر،

 وكان يعلم طريق البلدة جيدًا، ولم يذهب إليها ليتاجر فيها ويربح أرباحًا كثيرة

 من تجارته، واكتفى أن يتاجر في بلدته،

ويحصل على المكسب فقط بدون تلك الأرباح الوفيرة،


 ما رأيك في هذا التاجر؟


هكذا حالنا أختي الفتاة المسلمة مع الله تعالى:


فالقرب من الله تجارة, وفيها تسابق على فعل الخيرات،


عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

 (إن الله تعالى قال: من عاد لي وليًا فقد آذنته بالحرب،

وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه،

 ولا يزال يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به،

وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها،

 ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه،

 وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس المؤمن يكره الموت,

 وأنا أكره مساءته) [رواه البخاري].

فتأملي معي في تلك المكافآت الربانية التي يعطيها ذو الجلال والإنعام،

 لمن دأب على طاعته واستقام، وأعظمها أن يحبه ربه،

 وما ظنك بعبد قد اصطفاه ربه, واتخذه وليًا وحبيبًا؟


فوالله إنها لنعمة

 لا تقوم لها الدنيا وما فيها، إنه العبد المحبوب المُعان الموفق من ربه،

 فلا يسمع ولا يبصر ولا يبطش ولا يسعى إلا في مرضاة الله تعالى،

 إن حزبه أمر فسأل الله فيه أعطاه وكفاه،

 وإن هدده ضر أو نزلت به مصيبة فلجأ إلى الله، أعاذه ربه وحماه،

حتى تصل عناية الله به أن يرعى خاطره،

 فيكره جل وعلا كل ما يسوء عبده ووليه، فيا لها من كرامة, ويا له من نعيم


*الهدف الأسمى* 


إذا تفكرت أختي الحبيبة

في الهدف من المحافظة على الفرائض ثم اتباع ذلك بالنوافل

والسنن، نجد أن في العبادة تواصل دائم بالله تعالى في مختلف الأوقات والمواقف،

 والعبادة هي

 الوسيلة الفعَّالة لتربية الروح، فكل عمل تتوجه به المرأة إلى الله فهو عبادة،

 وكل عمل تتركه تقربًا إلى الله واحتسابًا فهو عبادة،

 وكل شعور نظيف في باطن نفسها فهو عبادة،

 وكل امتناع عن شعور هابط من أجل مرضاة الله فهو عبادة،

وكل ذكر لله في الليل والنهار فهو عبادة، ومن ثم تشمل العبادة حياتها كلها,

 فتصبح عابدة لله حيثما توجهت إليه،

وبهذا المعنى تصبح العبادة هي الصلة الدائمة بينها وبين ربها،

 وتصبح هي التربية الدائمة لروحها


والعبادة في مفهومها الصحيح

كما يعرفها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله هي:

 (كل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة)

 [العبودية، شيخ الإسلام ص(1)].


ومن النوافل التي يتقرب بها العبد إلى ربه:


*السنن الرواتب*


فالمسلمة عالية الهمة لا تقتصر على أداء الصلوات الخمس بل تصلي السنن الرواتب

أيضًا، لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم:

(ما من عبد مسلم يصلي لله تعالى في كل يوم ثنتي عشرة ركعة تطوعًا

غير الفريضة إلا بنى الله له بيتًا في الجنة, أو إلا بني له بيت في الجنة)

 [رواه مسلم]


أروع لحظة يعيشها الإنسان العابد هي لحظة يخلو فيها بخالقه،

 صافًا قدميه بين يديه في الأسحار، يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه،

 *إنها دقائق الأسحار*


 التي ينزل فيها

 العلي القدير بفضله ومنه إلى السماء الدنيا، وينادي على عباده، يعرض عليهم رحمته

فيقول تعالى:

(من يدعوني فاستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له)

[متفق عليه].


وكيف يترك العابد قيام الليل وهو شعار الصالحين في كل زمان ومكان؟

وفيه من الثمرات ما عدد لكِ النبي صلى الله عليه وسلم بعضها في قوله:


(عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم، وقربه إلى الله، وتكفير للسيئات،

 ومنهاة عن الإثم؟ ومطردة للداء عن الجسد)


 [صححه الألباني في صحيح الجامع، (4079)].

فلا تضيعي هذه الدقائق الغالية بسبب كسل أو تثاقل


*صوم النافلة*


من صفات المرأة المسلمة الناجحة أنها تغتنم الفرص وأوقات النفحات

 ومواسم الخيرات، فتصوم النافلة من غير رمضان مثل

 صوم يوم عرفة،

 قال صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم عرفة:

 (يكفر السنة الماضية والباقية) [رواه مسلم].

وصوم يوم عاشوراء،

 فقد سئل عن صيام يوم عاشوارء

 فقال: (يكفر السنة الماضية) [رواه مسلم].

وصوم ستة أيام من شوال

قال صلى الله عليه وسلم:

 (من صام رمضان ثم أتبعه ستًا من شوال كان كصيام الدهر)

[رواه مسلم].

وصوم ثلاثة أيام من كل شهر،

 فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

 (أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث: صيام ثلاثة أيام من كل شهر،

 وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أنا أنام)

[رواه البخاري]

*سنابل الخير*


صفات المسلمة الناجحة أنها تتصدق محتسبة النية في سبيل الله

 وستجد الجزاء في الدنيا والآخرة،

 فالصدقة

 كما يقول صلى الله عليه وسلم:

 (والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار)

 [صححه الألباني في صحيح سنن الترمذي، (2616)].

وهي وقاية وعلاج كما أمر صلى الله عليه وسلم:

(داووا مرضاكم بالصدقة)

[حسنه الألباني في صحيح الجامع، (3358)].


ومن أخبارهم ـ أي النساء ـ أن

 (معاوية بعث إلى السيدة عائشة رضي الله عنه بمائة ألف درهم، فما أمست حتى فرقتها، فقالت لها مولاتها: لو اشتريتِ لنا منها بدرهم لحمًا، فقالت ألا قلتِ لي)

 [سير أعلام النبلاء، الذهبي، (2/187)].


(وقد أخبر عبد الله بن الزبير رضي الله عنه قال: ما رأيت امرأتين قط أجود من عائشة وأسماء وجودهما مختلف، أما عائشة، فكانت تجمع الشيء إلى الشيء، حتى إذا اجتمع عندها قسمت، وأما أسماء فكانت لا تمسك شيئًا لغد.



وكانت أم المؤمنين زينب بنت جحش تعمل بيدها وتتصدق،

فكانت أطول أمهات المؤمنين يدًا في الصدقة والبذل وفعل الخير،

وفيها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لزوجاته في الحديث

 الذي رواه مسلم عن عائشة رضي الله عنها

(أسرعكن لحاقًا بي أطولكن يدًا، قالت عائشة فكن يتطاولن، أيتهن أطول يدًا، فكانت أطولنا يدًا زينب، لأنها كانت تعمل بيدها وتتصدق)

 [رواه مسلم]


*سبق المفردون*


فهل تحبي أن تكوني منهم؟

 قال صلى الله عليه وسلم

(سبق المفردون، قالوا: وما المفردون يا رسول الله؟ قال:

 الذاكرون الله كثيرًا والذاكرات) [رواه مسلم].

وشتان بين حي وميت قال صلى الله عليه وسلم:

 (مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكره، مثل الحي والميت) [رواه البخاري].

فالذاكر لربه حي وإن ماتت منه جميع الأعضاء، والغافل عن ذكره ميت،

 وإن شب وتحرك بين الأحياء.


وقراءة القرآن علامة حبك لله،

 قال صلى الله عليه وسلم:

(من سره أن يحب الله ورسوله، فليقرأ في المصحف)

[حسنه الألباني في السلسلة الصحيحة، (2342)].


وبقراءة القرآن تجني أطنان من الحسنات في أوقات قليلات

 إذ يقول صلى الله عليه وسلم:

(من قرأ حرفًا من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها،

لا أقول "الم" حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف)

 [صححه الألباني في صحيح سنن الترمذي، (2910)].

ويكفيك فخرًا أنك من خيرة الناس، إذا كنت من هؤلاء:

(خيركم من تعلم القرآن وعلمه) [رواه البخاري].

وأنت بقراءة القرآن في تجارة رابحة مع الله، قال تعالى:

{إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ} [فاطر: 29].


&أختاه&


قرري من الآن

 أن تكوني من السابقين بالخيرات،

 ويكون ذلك بالتقرب إلى الله بالنوافل مثل نوافل الصلاة كالسنن الراتبة،

 وصوم النافلة من غير الفريضة، وقيام الليل، والصدقة،

 وذكر الله تعالى في كل حال وقراءة القرآن وحفظه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق